[مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية]

الصفحة الرئيسية مقترحاتكم المحتويات

المنطلقات الحضارية للمؤسسة

 

الصفحة الرئيسية

 

اختلفت الأمة بينها في مجموعة من القضايا العقائدية. ولعل أبرز القضايا التي اختلف حولها هي:

العقل والقرآن والسنة وأدوارهافي تأسيس المعرفة بالله تعالى وعلاقتنا به.

صفات الله جل جلاله

القضاء والقدر

الإرجاء وصدق الوعيد

منزلة الفساق في المجتمع المسلم

العلاقة بين الحاكم والمحكوم


وقد اتجه كثير من المسلمين المعاصرين نحو تجاوز أغلب هذه المسائل واعتبارها من اللغو الذي لا يقدم للأمة سوى الخلاف والتناحر وضياع الجهد والوقت.

ولكن هل هي كذلك؟

هل لهذه المبادئ أبعاد حضارية؟ أم أنها مجرد اعتقادات فردية شخصية لا تؤثر على حركة الأمة؟ وبمعنى آخر هل سيختلف حال الأمة باختلاف موقفها حيال القضايا التي عالجتها تلك الأصول العقائدية؟

هل نهضة الأمة الإسلامية مرهون فقط بالجهد والجهاد والتقدم العلمي والمادي والسياسي للمجتمع المسلم؟

وأما قضايا الإلهيات فيكفي فيها ((تفسيرها تلاوتها)) دون الخوض في معانيها ومراد الله تعالى منها؟

هل ذكر الله تعالى تلك القضايا للتبرك أم لتأسيس رؤية كونية تفسر للإنسان دوره في هذه الحياة وعلاقته بالله والكون من حوله؟

لقد نشأت مجموعة من المدارس الفكرية في الإسلام كلٌّ يدعي أن ما لديه هو الأقرب إلى مراد الله جل جلاله. ويمكن تصنيفها إلى مدرستين أساسيتين:

مدرسة محدثي أهل السنة والأشاعرة ،

مدرسة أهل البيت والمعتزلة.


وبالرغم من الاختلاف بين المحدثين من أهل السنة والأشاعرة إلا أن أفكارهم تظل متشابهة جداً إلى الحد الذي يصعب فيه فصلهم عن بعض.
وكذلك بالرغم من الاختلاف بين أهل البيت وبين المعتزلة إلا أن أفكارهم تظل متقاربة بحيث يمكن اعتبارهم فكرياً مدرسة واحدة.
والشائع اليوم بين المسلمين هي المدرسة الأولى. وأما المدرسة الثانية فقد حوربت بشدة ولكن بقيت بين أئمة أهل البيت وشيعتهم، وخصوصاً الزيدية والإمامية.

وقد تميزت المدرستان عن بعضهما البعض بمجموعة أمور لعل من أهمها هو التميز في المنهج. إذ قللت المدرسة الأولى من دور العقل وأهميته ، في مقابل تشديد المدرسة الثانية في ذلك الأمر. كما قللت المدرسة الأولى وخصوصا أهل الحديث من استقلال القرآن في تأسيس القضايا العقائدية، بينما شددت المدرسة الثانية على أهمية استقلال القرآن في تأسيس العقائد.

أيضاً تميزت المدرستان في الرؤية للقضايا المركزية في حياة الإنسان، وعلى وجه الخصوص:

قضية القضاء والقدر: فالمدرسة الأولى تعلمنا أن حياة الإنسان مرسومة من قبل الله تعالى. وأن الله تعالى قد حدد للعباد أمور أرزاقهم، وأمراضهم، وزواجهم، ومصائبهم، وحكامهم، وجميع الحوادث اليومية التي تمر بهم، وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وما علينا أمام كل ما يصيبنا من الإنسان أو من غيره إلا الصبر.

قضية الإرجاء: إن توجه المدرسة الأولى كان نحو التهوين من شأن الوعيد والعقاب ودخول النار. فما دام المرء يقول لا إله إلا الله فإنه يستحق شفاعة المصطفى ويدخل الجنة وإن عمل ما عمل من الجرائم في حق العباد، وحتى وإن دخل النار فإنما يدخلها برهة من الزمان لا تزيد مدتها عن مدة يوم القيامة.

قضية طاعة الحكام: من المعلوم أن الثقافة التي شاعت عبر قرون من الزمن تفيد أن على المسلم طاعة الأمير أو الخليفة ما لم يكفر، وإن عمل ما عمل، وإن كان: لا يهتدي بالهدى ، ولا يستن بالسنة، قلبه قلب شيطان في جثمان إنس، يضرب الناس، ويأخذ أموالهم... على حد رواية مسلم في صحيحه.

وأما رأي المدرسة الثانية فهي على النقيض تقريباً...

وبقطع النظر عما هو صواب وخطأ: هل هذه القضايا مؤثرة على حركتنا الحضارية أم لا؟

هل تنبي أحد المبدأين يعني اختلاف في الحركة والمسيرة أم أن الأمر سيان؟

اعتقادنا أن الأمر مختلف. وأن للقضايا العقائدية أبعادا حضارية مهمة. وأنها لم تذكر في القرآن الكريم إلا لما تقدمه في حياة الإنسان.

إننا إذا آمنا بأن لتلك القضايا بعدا حضاريا، فإن أهداف الحوار فيها هو بناء رؤيتنا للحياة على أسس صحيحة تساعدنا في القيام من كبوتنا التي طالت.

إننا نرى أن الأفكار السائدة في الأمة تشل طاقتها، وتضعف من عمق توجهها نحو ربها ، وتعرقل دورها في بناء وتوجيه الحضارة الإنسانية عموماً.

ونقول هذا الكلام على أساس أنني أتصور أن القول بالتنـزيه المقابل للتشبيه والتجسيم ، والقول بالعدل الإلهي وحرية إرادة الإنسان المقابل للجبر وتقييد إرادة الإنسان، والقول بثبوت الوعيد مقابل القول بالإرجاء والشفاعة للظلمة والفجار، والقول بتمييز المسلمين الصالحين عن المسلمين الفجار... إن القول بكل ذلك ليؤثر على حركة الأمة الإسلامية ومسيرتها الحضارية.

وحيث إن الغالبية العظمى من الأمة الإسلامية قد تأسست أفكارها على مناهج المحدّثين والأشاعرة والماتدريدية،
وحيث إن هذه الاتجاهات الثلاثة تداخلت فيما بينها لتؤسس عقلاً جماعياً في هذه الأمة أقرب إلى التشبيه أو التفويض منه إلى التنـزيه ؛ وأقرب إلى الجبر منه إلى الاختيار ؛ وأقرب إلى الإرجاء منه إلى ثبوت الوعيد ؛ وأقرب إلى الخلط بين المؤمنين والفجار منه إلى التمييز الحاسم بينهما...

فإننا نظن أن الكامن في الأمة الإسلامية مكبل ومقيد ، وأنه لا بد من اطلاقه ليقوم بدوره.

 

الصفحة الرئيسية ]